قبل يوم واحد من الاجتماع رفيع المستوى بمدريد.. "البوليساريو" تعترف "ضمنيا" باقتراب المغرب من طي ملف الصحراء وتلجأ إلى "تخويف" إسبانيا بجزر الكناري
في صورة أخرى من صور الارتباك التي تعيشها جبهة "البوليساريو" بعد قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2797، خرج ممثلها في إسبانيا، عبد الله العربي، اليوم الأربعاء، بتصريح نقلته عدد من وسائل الإعلام الإسبانية، حمل في طياته اعترافا ضمنيا بقرب المغرب من طي ملف الصحراء، حيث ادعى أنه بمجرد "تثبيت" المغرب ما وصفه بـ"الاحتلال" في الصحراء، فإن "الهدف التالي سيكون جزر الكناري".
وجاءت هذه التصريحات، حسب الصحافة الإسبانية، في توقيت لافت، إذ اختار العربي إطلاقها قبل يوم واحد فقط من انعقاد الاجتماع الرفيع المستوى بين الحكومتين المغربية والإسبانية في مدريد، المقرر غدا الخميس، في محاولة للتأثير على النقاش الإسباني الداخلي حول هذا اللقاء، وخاصة فيما يتعلق بملف الصحراء.
وتسعى الجبهة الانفصالية من خلال هذا الخطاب إلى تخويف مدريد من أي تقارب إضافي مع الرباط أو تقديم تنازلات في ملف الصحراء، في وقت باتت فيه إسبانيا أقرب إلى الموقف المغربي بعد دعمها لمقترح الحكم الذاتي في مارس 2022.
لكن الخطاب "التخويفي" الجديد للبوليساريو، يبدو ممعنا في الغرابة، إذ بعدما كانت سابقا تلوح بأن المغرب سيتجه نحو "استرجاع" مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين إذا ما تم حسم نزاع الصحراء لصالحه، انتقلت اليوم إلى استعمال ورقة جزر الكناري، رغم أن المغرب ليس له أي مطالب سيادية بشأنه هذه الجزر، كما أنه لا يعتبرها أراض محتلة على غرار سبتة ومليلية.
ويُفهم هذا التحول، باعتباره مؤشرا جديدا على حالة اليأس التي باتت تعيشها قيادة البوليساريو، خاصة بعد التطورات الدبلوماسية الأخيرة التي تصب في صالح المغرب، وعلى رأسها قرار مجلس الأمن 2797 الذي كرس مقترح الحكم الذاتي كحل واقعي وقابل للتطبيق، ودعا للتفاوض عليه.
كما تأتي هذه التصريحات في سياق تتزايد فيه المؤشرات على قرب دخول ملف الصحراء مرحلة جديدة، خصوصا بعد إعلان الرباط بأنها تعمل على صياغة النسخة المفصّلة من مقترح الحكم الذاتي لتعزيز دعم المجتمع الدولي للحل السياسي وفق الرؤية المغربية.
كما تزامنت هذه الخرجة الإعلامية مع ارتفاع مستوى التنسيق السياسي والأمني والاقتصادي بين المغرب وإسبانيا، الأمر الذي يُقلق البوليساريو، التي تخشى أن يخرج الاجتماع الرفيع المستوى بمخرجات قوية حول مستقبل التعاون بين الرباط ومدريد بما ينعكس إيجابا على طي ملف الصحراء لصالح السيادة المغربية.
جدير بالذكر أن الاجتماع الرفيع المستوى بين المغرب وإسبانيا يأتي في سياق تحولات سياسية واقتصادية، أبرزها قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2797 الذي دعا الأطراف المعنية بنزاع إقليم الصحراء، المستعمر سابقا من طرف إسبانيا، للتفاوض على مبادرة الحكم الذاتي المغربية، بالإضافة إلى سياق اقتصادي- سياسي آخر، يتعلق بالاتفاق التجاري الجديد بين المغرب والاتحاد الأوروبي الذي تسبب في بعض ردود الأفعال داخل إسبانيا.
وتعليقا على هذا الاجتماع المرتقب، صرح مؤخرا الخبير في الشؤون الإسبانية، عبد الحميد البجوقي، إن الاجتماع يأتي أولا في إطار التنسيق المستمر بين المغرب وإسبانيا، خاصة بعد التطور الكبير الذي شهدته العلاقات الثنائية منذ أن أعلنت إسبانيا دعمها لمبادرة الحكم الذاتي لحل نزاع الصحراء تحت السيادة المغربية.
وأضاف البجوقي أن هذا الاجتماع يأتي بعد قرار مجلس الأمن الدولي بشأن الصحراء في 31 أكتوبر والذي أعطى – حسب تعبيره – دينامية جديدة في العلاقات المغربية مع كل الدول المحورية التي تربطها بالرباط العديد من المصالح والمشاريع.
وتابع البجوقي في هذا السياق، أن مفاوضات المغرب المقبلة ستكون مرتبطة بشكل كبير بمقترح الحكم الذاتي الذي يعمل على تفصيله حاليا، مشيرا إلى أن إسبانيا تُعتبر من النماذج التي يُمكن أخذها بعين الاعتبار من أجل إعداد مقترح مغربي يستلهم من التجارب الأخرى ويحتفظ في الوقت نفسه بالخصوصية المغربية، وبالتالي فإن هذا الاجتماع قد يكون مهما للتطوير والتنسيق.
كما لفت الخبير ذاته إلى أن هذا الاجتماع الرفيع المستوى المقرر بين الحكومتين الإسبانية والمغربية، يأتي في خضم الجدل الذي أحدثته الاتفاقية التجارية الجديدة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، والتي جعل من المنتجات القادمة من أقاليم الصحراء، خاصة الفلاحية جزءا من الصادرات المغربية، وهو ما أثار غضب عدد الهيئات الفلاحية الإسبانية.
وقال البجوقي إن بعض الهيئات الفلاحية الإسبانية تُحدث حاليا ردود فعل قوية تُجاه الاتفاق التجاري الجديد بين المغرب والاتحاد الأوروبي، وأعطته "لبوسا سياسيا"، بإقحام ملف الصحراء فيه، وبالتالي فإن هذا الاجتماع المرتقب قد يخرج بحلول تنهي هذه الخلافات القائمة.




